responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 26  صفحه : 304
أَوْ حِسِّيَّةٍ غَيْرِ حِسِّ الْبَصَرِ كَالْأَصْوَاتِ وَالْمَشْيِ بِحِسِّ اللَّمْسِ، فَارْتَقَى وَقَالَ: فَلَوْ مَسَخَهُمْ وَسَلَبَ قُوَّتَهُمْ بِالْكُلِّيَّةِ لَا يَهْتَدُونَ إِلَى الصِّرَاطِ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ.
الْبَحْثُ الثَّالِثُ: قَدَّمَ الْمُضِيَّ عَلَى الرُّجُوعِ، لِأَنَّ الرُّجُوعَ أَهْوَنُ مِنَ الْمُضِيِّ، لِأَنَّ الْمُضِيَّ لَا يُنْبِئُ عَنْ سُلُوكِ الطَّرِيقِ مِنْ قَبْلُ، وَأَمَّا الرُّجُوعُ فَيُنْبِئُ عَنْهُ، وَلَا شَكَّ أَنَّ سُلُوكَ طَرِيقٍ قَدْ رُؤِيَ مَرَّةً أَهْوَنُ من سلوك طريق لم ير فقال: لا يستطيعون مضيا وَلَا أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ الرُّجُوعُ الَّذِي هو أهون من المضي. ثم قال تعالى:

[سورة يس (36) : آية 68]
وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلا يَعْقِلُونَ (68)
فَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ [يس: 60] قَطْعٌ لِلْأَعْذَارِ بِسَبْقِ الْإِنْذَارِ، ثُمَّ لَمَّا قَرَّرَ ذَلِكَ/ وَأَتَمَّهُ شَرَعَ فِي قَطْعِ عُذْرٍ آخَرَ، وَهُوَ أَنَّ الْكَافِرَ يَقُولُ لَمْ يَكُنْ لُبْثُنَا فِي الدُّنْيَا إِلَّا يَسِيرًا، وَلَوْ عَمَّرْتَنَا لَمَا وَجَدْتَ مِنَّا تَقْصِيرًا، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى أَفَلَا تعقلون إِنَّكُمْ كُلَّمَا دَخَلْتُمْ فِي السِّنِّ ضَعُفْتُمْ وَقَدْ عَمَّرْنَاكُمْ مِقْدَارَ مَا تَتَمَكَّنُونَ مِنَ الْبَحْثِ وَالْإِدْرَاكِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ [فَاطِرٍ: 37] ثُمَّ إِنَّكُمْ عَلِمْتُمْ أَنَّ الزَّمَانَ كُلَّمَا يَعْبُرُ عَلَيْكُمْ يَزْدَادُ ضَعْفُكُمْ فَضَيَّعْتُمْ زَمَانَ الْإِمْكَانِ، فَلَوْ عَمَّرْنَاكُمْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ لَكَانَ بَعْدَهُ زَمَانُ الْإِزْمَانِ، وَمَنْ لَمْ يَأْتِ بِالْوَاجِبِ زَمَانَ الْإِمْكَانِ مَا كَانَ يَأْتِي به زمان الإزمان. ثم قال تعالى:

[سورة يس (36) : آية 69]
وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ (69)
فِي التَّرْتِيبِ وَجْهَانِ، قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ اللَّهَ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ ذَكَرَ أَصْلَيْنِ مِنَ الْأُصُولِ الثَّلَاثَةِ، وَهِيَ الْوَحْدَانِيَّةُ وَالرِّسَالَةُ وَالْحَشْرُ، ذَكَرَ الْأَصْلَ الثَّالِثَ مِنْهَا، وهاهنا ذَكَرَ الْأَصْلَيْنِ الْوَحْدَانِيَّةَ وَالْحَشْرَ، أَمَّا الْوَحْدَانِيَّةُ فَفِي قوله تعالى: أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ [يس: 60] وَفِي قَوْلِهِ: وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ [يس: 61] وَأَمَّا الْحَشْرُ فَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى: اصْلَوْهَا الْيَوْمَ [يس: 64] وفي قوله: الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ [يس: 65] إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ، فَلَمَّا ذَكَرَهُمَا وَبَيَّنَهُمَا ذَكَرَ الْأَصْلَ الثَّالِثَ وَهُوَ الرِّسَالَةُ فَقَالَ: وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ وَقَوْلُهُ: وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ مُعَلَّمٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَعَلَّمَهُ مَا أَرَادَ وَلَمْ يُعَلِّمْهُ مَا لَمْ يُرِدْ، وَفِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ مَبَاحِثُ:
الْبَحْثُ الْأَوَّلُ: خُصَّ الشِّعْرُ بِنَفْيِ التَّعْلِيمِ، مَعَ أَنَّ الْكُفَّارَ كَانُوا يَنْسُبُونَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ أَشْيَاءَ مِنْ جُمْلَتِهَا السِّحْرُ، وَلَمْ يَقُلْ وَمَا عَلَّمْنَاهُ السِّحْرَ وَكَذَلِكَ كَانُوا يَنْسُبُونَهُ إِلَى الْكِهَانَةِ، وَلَمْ يَقُلْ وَمَا عَلَّمْنَاهُ الْكِهَانَةَ، فَنَقُولُ أَمَّا الْكِهَانَةُ فَكَانُوا يَنْسُبُونَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وآله وسلم إليها عند ما كَانَ يُخْبِرُ عَنِ الْغُيُوبِ وَيَكُونُ كَمَا يَقُولُ. وأما السحر فكانوا ينسبونه إليه عند ما كَانَ يَفْعَلُ مَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ الْغَيْرُ كَشَقِّ الْقَمَرِ وَتَكَلُّمِ الْحَصَى وَالْجِذْعِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. وأما الشعر فكانوا ينسبونه إليه عند ما كَانَ يَتْلُو الْقُرْآنَ عَلَيْهِمْ لَكِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عليه وآله وَسَلَّمَ مَا كَانَ يَتَحَدَّى إِلَّا بِالْقُرْآنِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ [الْبَقَرَةِ: 23] إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ، وَلَمْ يَقُلْ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ رِسَالَتِي فَأَنْطِقُوا الْجُذُوعَ أَوْ أَشْبِعُوا الْخَلْقَ الْعَظِيمَ أَوْ أَخْبِرُوا بِالْغُيُوبِ، فلما كان تحديه صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ بِالْكَلَامِ وَكَانُوا يَنْسُبُونَهُ إِلَى الشِّعْرِ عِنْدَ الْكَلَامِ خُصَّ الشِّعْرُ بِنَفْيِ التَّعْلِيمِ.
الْبَحْثُ الثَّانِي: مَا مَعْنَى قَوْلِهِ: وَما يَنْبَغِي لَهُ؟ قُلْنَا قَالَ قَوْمٌ مَا كَانَ يَتَأَتَّى لَهُ، وَآخَرُونَ مَا يَتَسَهَّلُ لَهُ حَتَّى

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 26  صفحه : 304
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست